فاكهة القشطة وفوائدها الصحية

فاكهة القشطة في مصر: كنز طبيعي بنكهة استوائية وقيمة غذائية عالية

تُعدّ فاكهة القشطة من الفواكه الغريبة والفريدة التي بدأت تكتسب شهرة واسعة في مصر خلال العقود الأخيرة، بعد أن كانت تعتبر من الفواكه النادرة والمستوردة. وقد أدى توسع زراعتها محليًا في عدد من المحافظات المصرية إلى جعلها متاحة بشكل أكبر في الأسواق، ما ساهم في تعرّف الناس على فوائدها الصحية المتعددة ومذاقها الذي يجمع بين نكهات الموز والأناناس والفراولة. في هذا المقال، سيتم تناول فاكهة القشطة من مختلف الزوايا، بدءًا من تاريخها وموطنها الأصلي، مرورًا بخصائصها الزراعية والغذائية، وصولًا إلى أهميتها الاقتصادية والصحية في مصر، ودورها في تعزيز الأمن الغذائي المحلي.

أولًا: نبذة عن فاكهة القشطة وأصلها الجغرافي

فاكهة القشطة أو ما يُعرف علميًا باسم Annona squamosa تنتمي إلى الفصيلة القشطية، وتُعد من الفواكه الاستوائية التي يرجع أصلها إلى أمريكا الجنوبية، وخاصة في مناطق الكاريبي وأمريكا الوسطى. ومع مرور الوقت، بدأت تنتقل إلى مناطق أخرى من العالم، مثل الهند، الفلبين، أستراليا، وبعض دول إفريقيا وآسيا، إلى أن وصلت إلى الأراضي المصرية.

عرفت القشطة في بعض الدول باسم “السيتافيل” أو “شجرة الكاسترد”، نظرًا لملمس لبّها الطري الكريمي وطعمها السكري، ما يجعلها مرغوبة لدى شريحة واسعة من المستهلكين. وتتميز القشطة بشكلها البيضاوي المغطى بالحراشف أو العقد الخضراء المتلاصقة، والتي تتحول تدريجيًا إلى اللون البني الفاتح عند النضوج.

ثانيًا: انتشار زراعة القشطة في مصر

دخلت القشطة إلى مصر بشكل تجريبي خلال منتصف القرن العشرين، لكنها لم تنتشر على نطاق واسع إلا في بداية التسعينيات. وبفضل المناخ الملائم في بعض المناطق المصرية وشغف المزارعين بزراعتها، بدأت زراعة القشطة تتوسع في عدد من المحافظات، وأبرزها:

• محافظة الشرقية

• محافظة الإسماعيلية

• محافظة الجيزة

• محافظة المنيا

• محافظة الفيوم

• محافظة أسوان

تُزرع القشطة بشكل أساسي في الأراضي الرملية أو الصفراء الخفيفة، ويُفضّل أن تكون جيدة التصريف والتهوية. وتُعدّ مناطق الوجه القبلي أكثر ملاءمة لإنتاجها نظرًا لدرجات الحرارة المرتفعة وانخفاض نسبة الرطوبة النسبية.

تبدأ زراعة القشطة في مصر خلال شهري مارس وأبريل، وتحتاج الشجرة إلى عناية خاصة في التقليم والري والتسميد العضوي والكيماوي، بالإضافة إلى مقاومة الآفات مثل ذبابة الفاكهة والمنّ والبق الدقيقي.

ثالثًا: الخصائص الغذائية لفاكهة القشطة

تتميز فاكهة القشطة بتركيبة غذائية غنية تجعلها من بين أهم الفواكه المفيدة للصحة العامة. وفيما يلي جدول يوضح أهم العناصر الغذائية الموجودة في 100 غرام من القشطة الناضجة:

تحتوي القشطة على مجموعة متنوعة من المركبات النباتية النشطة مثل الفلافونويدات والأنوناسين، إلى جانب مضادات الأكسدة الطبيعية التي تُعزز مقاومة الجسم للأمراض وتعزز المناعة.

رابعًا: الفوائد الصحية لفاكهة القشطة

1. تعزيز المناعة ومكافحة الالتهابات

بفضل احتوائها على نسبة مرتفعة من فيتامين C، تساهم القشطة في تقوية الجهاز المناعي وتحفيز إنتاج الخلايا البيضاء المقاومة للبكتيريا والفيروسات، كما تساعد مضادات الأكسدة في تقليل التهابات الجسم ومحاربة الجذور الحرة.

2. دعم صحة القلب

تحتوي القشطة على كميات كبيرة من البوتاسيوم والمغنيسيوم، وهما عنصران أساسيان في تنظيم ضغط الدم والوقاية من أمراض القلب والسكتات الدماغية. كما أن احتوائها على الألياف يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم.

3. تحسين صحة الجهاز الهضمي

يُعد محتوى القشطة العالي من الألياف مفيدًا في تسهيل حركة الأمعاء، والوقاية من الإمساك، وتنظيم عملية الهضم. كما أنها تحتوي على مركبات تساهم في حماية الغشاء المخاطي للأمعاء.

4. مقاومة الخلايا السرطانية

تشير بعض الدراسات إلى أن فاكهة القشطة تحتوي على مركبات طبيعية تُعرف باسم “الأنوناسين” التي قد تساهم في تدمير الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة، وخاصة في حالات سرطان الثدي والقولون.

5. مفيدة لصحة البشرة والشعر

بفضل احتوائها على مضادات الأكسدة والفيتامينات مثل فيتامين C، فإن القشطة تساهم في الحفاظ على نضارة البشرة وتأخير ظهور علامات الشيخوخة، كما تساعد في تقوية بصيلات الشعر وتحفيز نموه.

خامسًا: القشطة في الأسواق المصرية

على الرغم من أنها ما زالت تُعتبر من الفواكه غير الشائعة مقارنةً بالفاكهة التقليدية، فإن الإقبال على القشطة في مصر يتزايد عامًا بعد عام. ويعود ذلك إلى زيادة وعي المستهلكين بفوائدها الصحية وندرتها، بالإضافة إلى طعمها اللذيذ.

تباع القشطة في الأسواق المصرية بأسعار مرتفعة نسبيًا، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد ما بين 60 إلى 120 جنيهًا مصريًا، وقد يتجاوز ذلك في بعض المواسم بسبب قلة الإنتاج أو ارتفاع تكاليف النقل والتخزين.

وغالبًا ما تُعرض القشطة في المحال الكبرى أو يتم بيعها مباشرة من المزارعين عبر الأسواق المحلية أو منصات البيع الإلكترونية، خاصة في موسمها الذي يمتد من أغسطس حتى نوفمبر من كل عام.

سادسًا: الاستخدامات المتعددة لفاكهة القشطة

يمكن استهلاك القشطة بعدة طرق، منها:

• تناولها طازجة: بعد إزالة القشرة والبذور، يمكن تناول اللبّ مباشرةً.

• إضافتها للعصائر والسموذي: لمذاق كريمي حلو طبيعي.

• استخدامها في تحضير الحلويات: كعنصر رئيسي في بعض أنواع الآيس كريم أو المهلبية.

• تجفيف اللبّ أو صنع مربى القشطة: لحفظها لفترة أطول.

• استعمال بذورها في بعض الأبحاث الزراعية: رغم أنها سامة، إلا أنها تُدرس لأغراض طبية محتملة.

سابعًا: التحديات التي تواجه زراعة القشطة في مصر

رغم المناخ المناسب والطلب المتزايد على فاكهة القشطة، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي تعيق توسع زراعتها، منها:

• قلة الوعي الفني لدى بعض المزارعين بزراعة هذا النوع من الفاكهة الذي يتطلب عناية خاصة.

• حساسية الشجرة للتغيرات المناخية، مما يحد من انتشارها في بعض المناطق.

• صعوبة النقل والتخزين، نظرًا لأن القشطة سريعة التلف وتتطلب ظروفًا دقيقة للحفظ.

• نقص الدعم الحكومي للمزارعين في مجال الإرشاد الزراعي وتوفير الشتلات عالية الجودة.

ثامنًا: القشطة كفرصة اقتصادية واعدة

نظرًا لارتفاع قيمتها الغذائية وسعرها في الأسواق، تُعد القشطة من المحاصيل التي يمكن أن تشكل مصدر دخل جيد للمزارعين. كما أن تصديرها إلى الدول العربية والأوروبية قد يكون فرصة لتوسيع الأسواق المصرية وفتح قنوات جديدة للعوائد الاقتصادية.

وقد بدأت بعض الشركات الزراعية الكبرى في مصر بإنشاء مزارع نموذجية لزراعة القشطة العضوية بغرض التصدير، خصوصًا في ظل الطلب العالمي المتزايد على الفواكه الاستوائية الصحية.

تاسعًا: دراسات علمية وأبحاث حول القشطة

تم إجراء العديد من الدراسات العلمية على فاكهة القشطة من قِبل مراكز الأبحاث المصرية والدولية. ومن أبرز ما توصلت إليه هذه الأبحاث:

• دراسة نُشرت في Journal of Natural Products أشارت إلى قدرة مركب الأنوناسين الموجود في القشطة على تثبيط نمو الخلايا السرطانية.

• أبحاث صادرة عن المركز القومي للبحوث في مصر بيّنت احتواء القشطة على نسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تساعد في تقوية الجهاز العصبي وتحسين المزاج.

المصادر:

1. Journal of Natural Products, American Chemical Society, 2015.

2. المركز القومي للبحوث الزراعية في مصر – قسم النباتات الطبية والعطرية.